responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 245
العارفين أهل الإكسير، فسوء الأدب فيه أمره كبير، ومنع القاصدين من وصوله جُرمه كبير، وصد القلوب عن نفحات تلك الحضرة أكبر من كل كبير، ولا يزال قُطَّاع هذه الطريق يردون من أراد سلوكها على التحقيق، لكن من سبق له التأييد لا يرده عن الحق جبار ولا عنيد، ومن سبق له الحرمان، وحَكم عليه القضاءُ بالخذلان، رجع ولو بعد العيان، وأنشدوا:
والله ما نَشْكُرْ خَلِيعْ ... وإنْ ثَمِلْ. وإن صَحَا
وإن ثَبَتْ، سَيْرٌ سَرِيعْ ... وإن شَرِبْ حَتَّى امْتَحا
حَتى يُقَطَّعْ في القَطيعْ ... ويَدُورْ دَوْرَ الرَحَا «1»
إن الذين آمنوا وصدَّقُوا بطريق الله، وهاجروا أهواءهم في مرضاة الله، وجاهدوا نفوسهم في محبة الله، أولئك يرجون رحمة الله، فلا يُخيبهم الكريم لأنه غفور رحيم.
ولمّا كان الخمر حلالاً في أول الإسلام، وكانوا يشربونه، ويتِّجُرون فيه، فيتصدقون بثمنه وبثمن القمار، بيَّن الحقّ تعالى ذلك، بعد الأمر بالإنفاق لئلا يقع التساهل في المعاملة بعلّة الصدقة، فقال:

[سورة البقرة (2) : آية 219]
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)
قلت: الخمر في اللغة: ما يستر الشيء ويغطيه، ومنه: خمار المرأة، وسُمِّي الخمر خمراً لستره العقلَ. وفي الاصطلاح: ما غَيّب العقل دون الحواس مع النَّشْوة والطرَب. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مُسْكرٍ خَمْرٍ وكُلُّ خَمْر، حَرَامٌ» .
والميسر: قال ابن عباس والحسن: كل قمار ميسر، من شطرنج ونرْد ونحوه، حتى لَعِب الصبيان بالجَوْز والكِعَاب، إذا كان بالفُلوس، وسمي ميسراً ليُسْر صاحبه بالمال الذي يأخذه، وأما إذا كان بغير عِوض، إنما هو لَعِبٍّ فقط، فلا بأس.
قاله ابن عرفة.
يقول الحق جلّ جلاله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ حكم الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ لهم: فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ أي: عظيم لما فى الميسر من أكل أموال الناس بالباطل، وما ينشأ عنه من العداوة والشحناء، وما في الخمر من إذهاب العقل والسباب والافتراء والإذاية، والتعدّي الذي يكون من شاربه. وقرأ حمزة والكسائي: كثير بالمثلثة، أي: آثام كثيرة لقوله عليه الصلاة والسلام: «لَعَنَ اللهُ الخَمْرَ، وَبَائِعِهَا، وَمُبْتَاعَهَا، والمُشتَرَاة لَهُ، وعَاصَرَهَا، والمعصورة له،

(1) زجل للششترى.
اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 245
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست